الطفل العنيد [ الأسباب و الحلول ]

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

العناد ظاهرة معروفة في سلوك بعض الأطفال ، حيث يرفض الطفل ما يؤمر به أو يصر على تصرف ما ، و يتميز العناد بالإصرار و عدم التراجع حتى في حالة الإكراه ، و هو من إضطرابات السلوك الشائعة ، وقد يحدث لمدة و جيزة أو مرحلة عابرة أو يكون نمطاً متواصلاً و صفة ثابتة و سلوكاً و شخصية للطفل .

* متى يبدأ العناد ؟

العناد ظاهرة سلوكية تبدأ في مرحلة مبكرة من العمر , فالطفل قبل سنتين من العمر لا تظهر مؤشرات العناد في سلوكه ؛ لأنه يعتمد إعتماداً كلياً على الأم أو غيرها ممن يوفرون له حاجاته ؛ فيكون موقفه متسماً بالحياد و الإتكالية و المرونة و الإنقياد النسبي .

و للعناد مرحلة أولى : حينما يتمكن الطفل من المشي و الكلام قبل سن الثلاث سنوات من العمر أو بعد السنتين الأوليين ؛ و ذلك نتيجة لشعوره بالإستقلالية , و نتيجة لنمو تصوراته الذهنية ، فيرتبط العناد بما يجول في رأسه من خيال و رغبات .

أما المرحلة الثانية : فهي العناد في مرحلة المراهقة ؛ حيث يأتي العناد تعبيراً للإنفصال عن الوالدين ، و لكن عموماً و بمرور الوقت يكتشف الطفل أو المراهق أن العناد و التحدي ليسا هما الطريق السوي لتحقيق مطالبه ؛ فيتعلم العادات الإجتماعية السوية في الأخذ و العطاء ، و يكتشف أن التعاون و التفاهم يفتحان آفاقاً جديدةً في الخبرات و المهارات الجديدة ، خصوصاً إذا كان الأبوان يعاملان الطفل بشيء من المرونة و التفاهم و فتح باب الحوار معه ، مع وجود الحنان الحازم .

* و للعناد أشكال كثيرة :

عناد التصميم والإرادة :
و هذا العناد يجب أن يُشجَّع و يُدعَّم ؛ لأنه نوع من التصميم ، فقد نرى الطفل يُصر على تكرار محاولته ، كأن يصر على محاولة إصلاح لعبة ، و إذا فشل يصيح مصراً على تكرار محاولته .

العناد المفتقد للوعي :
يكون بتصميم الطفل على رغبته دون النظر إلى العواقب المترتبة على هذا العناد ، فهو عناد أرعن , كأن يصر الطفل على إستكمال مشاهدة فلم تلفازي بالرغم من محاولة إقناع أمه له بالنوم ؛ حتى يتمكن من الإستيقاظ صباحاً للذهاب إلى المدرسة .

العناد مع النفس :
نرى الطفل يحاول أن يعاند نفسه و يعذبها ، و يصبح في صراع داخلي مع نفسه ، فقد يغتاظ الطفل من أمه ؛ فيرفض الطعام و هو جائع ، برغم محاولات أمه و طلبها إليه تناول الطعام، و هو يظن بفعله هذا أنه يعذب نفسه بالتَّضوُّر جوعاً .

العناد إضطراب سلوكي :
الطفل يرغب في المعاكسة و المشاكسة و معارضة الآخرين , فهو يعتاد العناد وسيلةً متواصلة و نمطاً راسخاً و صفة ثابتة في الشخصية , وهنا يحتاج إلى إستشارة من متخصص .

عناد فسيولوجي :
بعض الإصابات العضوية للدماغ مثل أنواع التخلف العقلي يمكن أن يظهر الطفل معها في مظهر المعاند السلبي .

أسباب العناد
العناد صفة مستحبة في مواقفها الطبيعية – حينما لا يكون مبالَغاً فيه – و من شأنها تأكيد الثقة بالنفس لدى الأطفال، و من أسبابها :
أوامر الكبار:
التي قد تكون في بعض الأحيان غير مناسبة للواقع ، و قد تؤدي إلى عواقب سلبية ؛ مما يدفع الطفل إلى العناد ردَّ فعل للقمع الأبوي الذي أرغمه على شيء , كأن تصر الأم على أن يرتدي الطفل معطفاً ثقيلاً يعرقل حركته في أثناء اللعب ، و ربما يسبب عدم فوزه في السباق مع أصدقائه ، أو أن يكون لونه مخالفاً للون الزيِّ المدرسي ، و هذا قد يسبب له التأنيب في المدرسة ؛ و لذلك يرفض لبسه ، و الأهل لم يدركوا هذه الأبعاد .

التشبه بالكبار :
قد يلجأ الطفل إلى التصميم و الإصرار على رأيه متشبهاً بأبيه أو أمه ، عندما يصممان على أن يفعل الطفل شيئاً أو ينفذ أمراً ما ، دون إقناعه بسبب أو جدوى هذا الأمر المطلوب منه تنفيذه .

رغبة الطفل في تأكيد ذاته :
إن الطفل يمر بمراحل للنمو النفسي ، و حينما تبدو عليه علامات العناد غير المبالَغ فيه فإن ذلك يشير إلى مرحلة النمو , و هذه تساعد الطفل على الإستقرار و إكتشاف نفسه و قدرته على التأثير , و مع الوقت سوف يتعلم أن العناد و التحدي ليسا بالطرق السوية لتحقيق المطالب .

التدخل بصفة مستمرة من جانب الآباء و عدم المرونة في المعاملة :
فالطفل يرفض اللهجة الجافة ، و يتقبل الرجاء ، و يلجأ إلى العناد مع محاولات تقييد حركته ، و منعه من مزاولة ما يرغب دون محاولة إقناع له .

الإتكالية :
قد يظهر العناد ردَّ فعل من الطفل ضد الإعتماد الزائد على الأم ، أو الإعتماد الزائد على المربية أو الخادمة .

الشعور بالعجز :
إن معاناة الطفل و شعوره بوطأة خبرات الطفولة , أو مواجهته لصدمات , أو إعاقات مزمنة تجعل العناد وسيلة لمواجهة الشعور بالعجز و القصور و المعاناة .

الدعم و الإستجابة لسلوك العناد :
إن تلبية مطالب الطفل ورغباته نتيجة ممارسته للعناد , تُعلِّمه سلوك العناد و تدعمه ، و يصبح أحد الأساليب التي تمكِّنه من تحقيق أغراضه و رغباته .

كيف تتعاملين مع الطفل العنيد ؟

يقول علماء التربية :
كثيراً ما يكون الآباء و الأمهات هم السبب في تأصيل العناد لدى الأطفال ؛ فالطفل يولد و لا يعرف شيئاً عن العناد ، فالأم تعامل أطفالها بحب و تتصور أن من التربية عدم تحقيق كل طلبات الطفل ، في حين أن الطفل يصر عليها ، و هي أيضاً تصر على العكس فيتربى الطفل على العناد و في هذه الحالة يُفضَّل :

* البعد عن إرغام الطفل على الطاعة , و اللجوء إلى دفء المعاملة اللينة و المرونة في الموقف , فالعناد اليسير يمكن أن نغض الطرف عنه ، و نستجيب لما يريد هذا الطفل ، ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر ، و ما دامت هذه الرغبة في حدود المقبول .
* شغل الطفل بشيء آخر و التمويه عليه إذا كان صغيراً , و مناقشته و التفاهم معه إذا كان كبيراً . * الحوار الدافئ المقنع غير المؤجل من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد ؛ حيث إن إرجاء الحوار إلى وقت لاحق يُشعر الطفل أنه قد ربح المعركة دون وجه حق .
* العقاب عند وقوع العناد مباشرة ، بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات ؛ لأن نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلى آخر , فالعقاب بالحرمان أو عدم الخروج أو عدم ممارسة أشياء محببة قد تعطي ثماراً عند طفل و لا تجدي مع طفل آخر ، و لكن لا تستخدمي أسلوب الضرب و الشتائم ؛ فإنها لن تجدي ، و لكنها قد تشعره بالمهانة و الإنكسار .
* عدم صياغة طلباتنا من الطفل بطريقة تشعره بأننا نتوقع منه الرفض ؛ لأن ذلك يفتح أمامه الطريق لعدم الإستجابة و العناد .
* عدم وصفه بالعناد على مسمع منه , أو مقارنته بأطفال آخرين بقولنا : إنهم ليسوا عنيدين مثلك .
* إمدحي طفلك عندما يكون جيداً ، و عندما يُظهر بادرة حسنة في أي تصرف , وكوني واقعية عند تحديد طلبك .

‫0 تعليق

اترك تعليقاً